الغرض من تعدد مواضع القصة في سور القرآن الكريم:
الغرض أن تستقر القصة في ذهن القارئ ويثبت الهدف منها بأخذ أكثر من ملمح لأكثر من واقعة. قصة آدم في سورة البقرة تحدثت عن عدم الإقتراب من الشجرة وفي الأعراف وطه ذكرت وسوسة الشيطان وفي سورة أخرى ذكرت ملمحاً آخر وكل هذا لتثبيت أخذ الهدف والفائدة من القصة. لو ذكر القرآن قصة آدم كلها في سورة البقرة مثلاً سينساها القارئ عندما يصل إلى آخر الكتاب ولكن عندما تقرأ عنها في العديد من السور وتجدها في أكثر من مكان تبقى في بالك وعندما تعود للقراءة من جديد ختمة بعد ختمة تكون القصة في بالك والرسول r علّمنا في قراءة القرآن " خيرقارئ للقرآن الحالّ المرتح" الذي يبدأ ختمة بعد إنتهائه من ختمة.
سورة يوسف مقطوعة بمعنى أنها قصة حصلت بواقعها بنتيجتها حتى ينهيها المولى تعالى ونأخذ العبرة منها. وسورة يوسف ترد على سؤال لماذا قدّم الإخوة في آية سورة عبس (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36)). في علم النفس يقولون أن أقرب إنسان لديك وأنت طفل صغير هو أخوك لأنه إذا كان الطفل عمره 3 سنوات مثلاً فهو بعيد بالنسبة لعمر أبيه لا يتفاهم معه ولكن أقرب واحد له هو أخوه والأخ لما يفِرّ من أخيه هذا شيء غير مُتصور فلما يحدث هذا الأمر ترد على ما حدث في سورة يوسف وإخوته وتجد الإخوة 11 كلٌ إختلف في طريقة تعامله مع يوسف بإختلاف شخصيته كما في قصة أصحاب الجنة (قال أوسطهم) هل هو أوسطهم عدداً أو سناً أو علماً حكمة وعقلاً؟ نقول هو أوسطهم رأيا الذي لا يتطرف يميناً أو شمالاًً.
من خلال القصص القرآني حاول بعض المستشرقون الولوج إلى مقاصد الشريعة الإسلامية فدسّوا فيها الإسرائيليات. ونحن سنتناول القصص من واقع القرآن بإتفاق أهل التفسير واللغة بعيداً عن أية حكايات أو إسرائيليات ومنهجنا بعيد تماماً عن أمرين: عن الإسرائيليات في القرآن وعن الضعيف والموضوع في الحديث وأنا لا أعتمد إلا على الكتاب والسنة الصحيحة والأحاديث المتفق على صحتها وإن كان عند احمد او الترمذي لأن عندنا في كل باب أحاديث صحيحة فلماذا نذهب للحديث الضعيف أو الموضوع؟ في باب الصلاة مثلاً عندنا أحاديث صحيحة كثيرة فلماذا نذهب للأحاديث الضعيفة والموضوعة؟